حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [طه: ٣] قَالَ: الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذَنْ: يَا رَجُلُ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ لِتَشْقَى بِهِ، مَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ تَذْكِرَةً، فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ: قَالَ: إِلَّا تَذْكِرَةً بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ لِتَشْقَى، فَجَعَلَهُ، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ إِلَّا تَذْكِرَةً. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ: نُصِبَتْ عَلَى قَوْلِهِ: مَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَّا تَذْكِرَةً. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُنْكِرُ قَوْلَ الْقَائِلِ: نُصِبَتْ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ ﴿لِتَشْقَى﴾ [طه: ٢] وَيَقُولُ: ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّ ﴿لِتَشْقَى﴾ [طه: ٢] فِي الْجَحْدِ، وَ ﴿إِلَّا تَذْكِرَةً﴾ [طه: ٣] فِي التَّحْقِيقِ، وَلَكِنَّهُ تَكْرِيرٌ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَعْنَى الْكَلَامِ: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى، لَا لِتَشْقَى
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَا الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾. -[١١]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا الْقُرْآنُ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّبِّ الَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَا. وَالْعُلَى: جَمْعُ عُلْيَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ: ﴿تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء: ١٠٦] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: نُصِبَ ذَلِكَ بِمَعْنَى: نَزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَنْزِيلًا. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قِيلِهِ هَذَا مِنْ كَلَامَيْنِ، وَلَكِنِ الْمَعْنَى: هُوَ تَنْزِيلٌ، ثُمَّ أُسْقِطَ هُوَ وَاتَّصَلَ بِالْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَخَرَجَ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ لَفْظِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْقَوْلَانِ جَمِيعًا عِنْدِي غَيْرُ خَطَأٍ