حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٨] الْفُرْقَانُ: التَّوْرَاةُ، حَلَالُهَا وَحَرَامُهَا، وَمَا فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا:
حَدَّثَنِي بِهِ، يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٨] قَالَ: الْفُرْقَانُ: الْحَقُّ آتَاهُ اللَّهُ مُوسَى وَهَارُونَ، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ فِرْعَوْنَ، فَقَضَى بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ. وَقَرَأَ: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾ [الأنفال: ٤١] قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ، وَذَلِكَ لِدُخُولِ الْوَاوِ فِي الضِّيَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْفُرْقَانُ هُوَ التَّوْرَاةَ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، لَكَانَ التَّنْزِيلُ: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ضِيَاءً، لِأَنَّ الضِّيَاءَ الَّذِي آتَى اللَّهُ مُوسَى وَهَارُونَ هُوَ التَّوْرَاةُ الَّتِي أَضَاءَتْ لَهُمَا، وَلِمَنِ اتَّبَعَهُمَا أَمْرَ دِينِهِمْ، فَبَصَّرَهُمُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضِيَاءَ الْإِبْصَارِ. وَفِي دُخُولِ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفُرْقَانَ غَيْرُ التَّوْرَاةِ الَّتِي هِيَ ضِيَاءٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الضِّيَاءُ مِنْ نَعْتِ الْفُرْقَانِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ وَاوٌ، فَيَكُونَ مَعْنَاهُ: وَضِيَاءً آتَيْنَاهُ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ ﴿بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبَ وَحِفْظًا﴾ [الصافات: ٧] ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ يَحْتَمِلُهُ، فَإِنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ مَعَانِيهِ مَا قُلْنَا. وَالْوَاجِبُ أَنْ يُوَجَّهَ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَغْلَبِ الْأَشْهَرِ مِنْ وُجُوهِهَا الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ، مَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنْ حُجَّةِ خَبَرٍ، أَوْ عَقْلٍ


الصفحة التالية
Icon