بِعُذْرِي، وَلَا هُوَ أَدْنَانِي فَأُخَاصِمُ عَنْ نَفْسِي. يَسْمَعُنِي وَلَا أَسْمَعُهُ، وَيَرَانِي وَلَا أَرَاهُ، وَهُوَ مُحِيطٌ بِي، وَلَوْ تَجَلَّى لِي لَذَابَتْ كُلْيَتَايَ، وَصُعِقَ رُوحِي، وَلَوْ نَفَّسَنِي فَأَتَكَلَّمَ بِمِلْءِ فَمِي، وَنَزَعَ الْهَيْبَةَ مِنِّي، عَلِمْتُ بِأَيِّ ذَنْبٍ عَذَّبَنِي نُودِيَ فَقِيلَ: يَا أَيُّوبُ قَالَ: لَبَّيْكَ قَالَ: أَنَا هَذَا، قَدْ دَنَوْتُ مِنْكَ، فَقُمْ فَاشْدُدْ إِزَارَكَ، وَقُمْ مَقَامَ جَبَّارٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ يُخَاصِمَنِي إِلَّا جَبَّارٌ مَثَلِي، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَاصِمَنِي إِلَّا مَنْ يَجْعَلُ الزِّمَامَ فِي فَمِ الْأَسَدِ، وَالسِّخَالَ فِي فَمِ الْعَنْقَاءِ، وَاللَّحْمَ فِي فَمِ التِّنِّينِ، وَيَكِيلُ مِكْيَالًا مِنَ النُّورِ، وَيَزِنُ مِثْقَالًا مِنَ الرِّيحِ، وَيَصُرُّ صُرَّةً مِنَ الشَّمْسِ، وَيَرُدُّ أَمْسِ لِغَدٍ. لَقَدْ مَنَّتْكَ نَفْسُكَ أَمْرًا مَا يَبْلُغُ بِمِثْلِ قُوَّتِكَ، وَلَوْ كُنْتَ إِذْ مَنَّتْكَ نَفْسُكَ ذَلِكَ، وَدَعَتْكَ إِلَيْهِ، تَذَكَّرْتَ أَيَّ مَرَامٍ رَامَتْ بِكَ. أَرَدْتَ أَنْ تُخَاصِمَنِي بِغَيِّكَ، أَمْ أَرَدْتَ أَنْ تُحَاجَّنِي بِخَطَئِكَ، أَمْ أَرَدْتَ أَنْ تُكَاثِرَنِي بِضَعْفِكَ؟ أَيْنَ كُنْتَ مِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ الْأَرْضَ فَوَضَعْتُهَا عَلَى أَسَاسِهَا؟ هَلْ عَلِمْتَ بِأَيِّ مِقْدَارٍ قَدَرْتُهَا؟ أَمْ كُنْتَ مَعِي تَمُرُّ بِأَطْرَافِهَا؟ أَمْ تَعْلَمُ مَا بُعْدُ زَوَايَاهَا؟ أَمْ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ وَضَعْتُ أَكْنَافَهَا؟ أَبِطَاعَتِكَ حَمَلَ الْمَاءُ الْأَرْضَ، أَمْ بِحِكْمَتِكَ كَانَتِ الْأَرْضُ لِلْمَاءِ غِطَاءً؟ أَيْنَ كُنْتَ مِنِّي يَوْمَ رَفَعْتُ السَّمَاءَ سَقْفًا فِي الْهَوَاءِ، لَا بِعَلَائِقَ ثَبَتَتْ مِنْ فَوْقِهَا، وَلَا يَحْمِلُهَا دَعَائِمُ مِنْ تَحْتِهَا، هَلْ يَبْلُغُ مِنْ حِكْمَتِكَ أَنْ تُجْرِيَ نُورَهَا، أَوْ