حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ فَرْقَدٍ، قَالَ: ثنا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ الرَّجْعَةِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥] " فَكَأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ: وَحَرَامٌ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ أَمَتْنَاهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا. وَالْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ عِكْرِمَةُ فِي ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ تَفْرِيقِ النَّاسِ دِينَهُمُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ صَنِيعِهِ بِمَنْ عَمِلَ بِمَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ رُسُلُهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥] فَلَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ صَنِيعِهِ بِمَنْ أَبَى إِجَابَةَ رُسُلِهِ، وَعَمِلَ بِمَعْصِيَتِهِ، وَكَفَرَ بِهِ، أَحْرَى، لِيَكُونَ بَيَانًا عَنْ حَالِ الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي لَمْ تَعْمَلِ الصَّالِحَاتِ، وَكَفَرَتْ بِهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهُمْ بِطَبْعِنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَخَتْمِنَا عَلَى أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ، إِذْ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِنَا،