خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اجْتَنِبُوا أَيُّهَا النَّاسُ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، وَقَوْلَ الشِّرْكِ، مُسْتَقِيمِينَ لِلَّهِ عَلَى إِخْلَاصِ التَّوْحِيدِ لَهُ، وَإِفْرَادِ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ لَهُ، خَالِصًا دُونَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ شَيْئًا مِنْ دُونِهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ دُونِهِ، فَمَثَلُهُ فِي بُعْدِهِ مِنَ الْهُدَى، وَإِصَابَةِ الْحَقِّ، وَهَلَاكِهِ، وَذَهَابِهِ عَنْ رَبِّهِ، مَثَلُ مَنْ خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ فَهَلَكَ، أَوْ هَوَتْ بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ، يَعْنِي مِنْ بَعِيدٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: أَسْحَقَتْهُ الرِّيحُ، وَسَحَقَتْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّخْلَةِ الطَّوِيلَةِ: نَخْلَةٌ سَحُوقٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر المنسرح]

كَانَتْ لَنَا جَارَةٌ فَأَزْعَجَهَا قَاذُورَةٌ تَسْحَقُ النَّوَى قُدُمَا
وَيُرْوَى: تُسْحِقُ. يَقُولُ: فَهَكَذَا مَثَلُ الْمُشْرِكِ بِاللَّهِ فِي بُعْدِهِ مِنْ رَبِّهِ، وَمِنْ إِصَابَةِ الْحَقِّ، كَبُعْدِ هَذَا الْوَاقِعِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ كَهَلَاكِ مَنِ اخْتَطَفَتْهُ الطَّيْرُ مِنْهُمْ فِي الْهَوَاءِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الحج: ٣١] قَالَ: " هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فِي بُعْدِهِ مِنَ الْهُدَى وَهَلَاكِهِ ﴿فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: ٣١] " -[٥٣٩]- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ


الصفحة التالية
Icon