حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ [الحج: ٣٣] قَالَ: «أَسْوَاقُهُمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَنَافِعَ إِلَّا لِلدُّنْيَا»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَوْلُهُ: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الحج: ٣٣] قَالَ: " وَالْأَجَلُ الْمُسَمَّى: الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ " وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ: الْمَنَافِعُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْعَمَلُ لِلَّهِ بِمَا أَمَرَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ. قَالُوا: وَالْأَجَلُ الْمُسَمَّى: هُوَ انْقِضَاءُ أَيَّامِ الْحَجِّ الَّتِي يُنْسَكُ لِلَّهِ فِيهِنَّ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، " فِي قَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣] فَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢] لَكُمْ فِي تِلْكَ الشَّعَائِرِ مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، إِذَا ذَهَبَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ لَمْ تَرَ أَحَدًا يَأْتِي عَرَفَةَ يَقِفُ فِيهَا يَبْتَغِي الْأَجْرَ، وَلَا الْمُزْدَلِفَةَ، وَلَا رَمْيَ الْجِمَارِ، وَقَدْ ضَرَبُوا مِنَ الْبُلْدَانِ لِهَذِهِ الْأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا الْمَنَافِعُ، وَإِنَّمَا مَنَافِعُهَا إِلَى تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَهِيَ الْأَجَلُ الْمُسَمَّى، ثُمَّ مَحِلُّهَا حِينَ تَنْقَضِي تِلْكَ الْأَيَّامُ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ " -[٥٤٧]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ دَلَّلْنَا قَبْلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ [الحج: ٣٢] مَعْنِيُّ بِهِ: كُلُّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَكَانٍ جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَمًا لِمَنَاسِكِ حَجِّ خَلْقِهِ، إِذْ لَمْ يُخَصِّصْ مِنْ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ شَيْئًا فِي خَبَرٍ وَلَا عَقْلٍ وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الحج: ٣٣] : فِي هَذِهِ الشَّعَائِرِ مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الشَّعَائِرِ بُدْنًا وَهَدْيًا، فَمَنَافِعُهَا لَكُمْ مِنْ حِينَ تَمْلِكُونَ، إِلَى أَنْ أَوْجَبْتُمُوهَا هَدَايَا وَبُدْنًا، وَمَا كَانَ مِنْهَا أَمَاكِنَ يُنْسَكُ لِلَّهِ عِنْدَهَا، فَمَنَافِعُهَا التِّجَارَةُ لِلَّهِ عِنْدَهَا، وَالْعَمَلُ بِمَا أَمَرَ بِهِ إِلَى الشُّخُوصِ عَنْهَا، وَمَا كَانَ مِنْهَا أَوْقَاتًا بِأَنْ يُطَاعَ اللَّهُ فِيهَا بِعَمَلِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَبِطَلَبِ الْمَعَاشِ فِيهَا بِالتِّجَارَةِ، إِلَى أَنْ يُطَافَ بِالْبَيْتِ فِي بَعْضٍ، أَوْ يُوَافَى الْحَرَمُ فِي بَعْضٍ، وَيُخْرَجُ عَنِ الْحَرَمِ فِي بَعْضٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الحج: ٣٣] فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣] فَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا: عُنِيَ بِالشَّعَائِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْبُدْنُ: مَعْنَى ذَلِكَ: ثُمَّ مَحِلُّ الْبُدْنِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مَكَّةَ، وَهِيَ الَّتِي بِهَا الْبَيْتُ الْعَتِيقُ