مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: «إِنْ» خَفِيفَةٌ فِي مَعْنَى ثَقِيلَةٍ، وَهِيَ لُغَةُ لِقَوْمٍ يَرْفَعُونَ بِهَا، وَيُدْخِلُونَ اللَّامَ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي تَكُونُ فِي مَعْنَى مَا. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ، يَجْعَلُونَ الِاثْنَيْنِ فِي رَفْعِهِمَا وَنَصْبِهِمَا وَخَفْضِهِمَا بِالْأَلِفِ. وَقَدْ أَنْشَدَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَسَدِ عَنْ بَعْضِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ:
[البحر الطويل]
فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ رَأَى | مَسَاغًا لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَّمَمَا |
قَالَ: وَحُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا: هَذَا خَطُّ يَدَا أَخِي أَعْرِفُهُ، قَالَ: وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا أُقِيسَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ قَالُوا: مُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا الْوَاوَ تَابَعَةً لِلضَّمَّةِ، لِأَنَّهَا لَا تُعْرَبُ، ثُمَّ قَالُوا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ، فَجَعَلُوا الْيَاءَ تَابَعَةً لِكَسْرَةِ الْمِيمِ، قَالُوا: فَلَمَّا رَأَوُا الْيَاءَ مِنَ الِاثْنَيْنِ لَا يُمْكِنُهُمْ كَسْرُ مَا قَبْلَهَا، وَثَبَتَ مَفْتُوحًا، تَرَكُوا الْأَلِفَ تَتْبَعُهُ، فَقَالُوا: رَجُلَانِ فِي كُلِّ حَالٍ. قَالَ: وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى إِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي كِلَا الرَّجُلَيْنِ، فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ، وَهُمَا اثْنَانِ، إِلَّا بَنِي كِنَانَةَ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: