بِهَا الْحَدُّ أَرْبَعَةٌ " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَقَلُّ مَا يَنْبَغِي حُضُورُ ذَلِكَ مِنْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ: الْوَاحِدُ فَصَاعِدًا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ﴾ [النور: ٢] وَالطَّائِفَةُ: قَدْ تَقَعُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى الْوَاحِدِ فَصَاعِدًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَضَعَ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ خَاصٌّ مِنَ الْعَدَدِ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ حُضُورَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ أَدْنَى اسْمِ الطَّائِفَةِ ذَلِكَ الْمَحْضَرَ مُخْرِجٌ مُقِيمَ الْحَدِّ مِمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢] غَيْرَ أَنِّي وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ، أَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُقْصَرَ بِعَدَدِ مَنْ يَحْضُرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ، عَدَدَ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الزِّنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمْعِ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْمُقِيمُ الْحَدَّ مَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهُمْ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَعْضِ مَنِ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِكَاحِ نِسْوَةٍ كُنَّ مَعْرُوفَاتٍ بِالزِّنَا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَكُنَّ أَصْحَابَ رَايَاتٍ، يَكْرِينَ أَنْفُسَهُنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَهُنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: الزَّانِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، لِأَنَّهُنَّ كَذَلِكَ، وَالزَّانِيَةُ مِنْ -[١٥٠]- أُولَئِكِ الْبَغَايَا لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْمُشْرِكِينَ، أَوْ مُشْرِكٌ مِثْلُهَا، لِأَنَّهُنَّ كُنَّ مُشْرِكَاتٍ ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣] فَحَرَّمَ اللَّهُ نِكَاحَهُنَّ فِي قَوْلِ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ


الصفحة التالية
Icon