شَهَادَاتٍ) نَصْبًا، وَلِنَصْبِهِمْ ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ﴾ [النور: ٦] مَرْفُوعَةً بِمُضْمَرٍ قَبْلَهَا، وَتَكُونَ (الْأَرْبَعُ) مَنْصُوبًا بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ، فَيَكُونَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: فَعَلَى أَحَدِهِمْ أَنْ يَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ مَرْفُوعَةً بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٦] وَ (الْأَرْبَعُ) مَنْصُوبَةٌ بِوُقُوعِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا، كَمَا يُقَالُ: شَهَادَتِي أَلْفَ مَرَّةٍ إِنَّكَ لَرَجُلُ سَوْءٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَرْفَعُ الْأَيْمَانَ بِأَجْوِبَتِهَا، فَتَقُولُ: حَلِفٌ صَادِقٌ لَأَقُومَنَّ، وَشَهَادَةُ عَمْرٍو لَيَقْعُدَنَّ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: ﴿ (أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ) ﴾ بِرَفْعِ (الْأَرْبَعِ)، وَيَجْعَلُونَهَا لِلشَّهَادَةِ مُرَافَعَةً، وَكَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ الْكَلَامِ: فَالَّذِي يَلْزَمُ مِنَ الشَّهَادَةِ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) بِنَصْبِ أَرْبَعٍ، بِوُقُوعِ (الشَّهَادَةِ) عَلَيْهَا، وَ (الشَّهَادَةُ) مَرْفُوعَةٌ حِينَئِذٍ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ قَبْلُ، وَأَحَبُّ وَجْهَيْهِمَا إِلَيَّ أَنْ تَكُونَ بِهِ مَرْفُوعَةً بِالْجَوَابِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ