اسْتَشْفَيْتُ فَحَلَفَ، ثُمَّ قِيلَ: احْلِفِي فَحَلَفَتْ، ثُمَّ قَالَ: «قِفُوهَا عِنْدَ الْخَامِسَةِ، فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ». فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أُخْزِي قَوْمِيَ، فَحَلَفَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِلَّذِي قِيلَ فِيهِ مَا قِيلَ». قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ غُلَامًا كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ، فَكَانَ بَعْدُ أَمِيرًا بِمِصْرَ، لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ، أَوْ لَا يُدْرَى مَنْ أَبُوهُ "
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبَّادٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: ٤] قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَهَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَوْ أَتَيْتُ لَكَاعَ قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ، لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أَهِيجَهُ وَلَا أُحَرِّكَهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ لِآتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَمَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟» قَالُوا: لَا تَلُمْهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ، مَا تَزَوَّجَ فِينَا قَطُّ إِلَّا عَذْرَاءَ، وَلَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا أَنْ يَتَزَوَّجُهَا قَالَ سَعْدٌ: -[١٨١]- يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّهَا حَقٌّ، وَلَكِنْ عَجِبْتُ لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعَ قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُهِيجَهُ وَلَا أُحَرِّكَهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَاللَّهِ لَا آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَوَاللَّهِ مَا لَبِثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ حَدِيقَةٍ لَهُ، فَرَأَى بِعَيْنَيْهِ، وَسَمِعَ بِأُذُنَيْهِ، فَأَمْسَكَ حَتَّى أَصْبَحَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ أَهْلِيَ عِشَاءً، فَوَجَدْتُ رَجُلًا مَعَ أَهْلِي، رَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ وَسَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَتَاهُ بِهِ، وَثَقُلَ عَلَيْهِ جِدًّا، حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَرَى الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِكَ مِمَّا أَتَيْتُكَ بِهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ، وَمَا قُلْتُ إِلَّا حَقًّا، فَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ فَرَجًا. قَالَ: وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا: ابْتُلِينَا بِمَا قَالَ سَعْدٌ، أَيُجْلَدُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَرْبِهِ، فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ بِضَرْبِهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي، فَأَمْسَكَ أَصْحَابُهُ عَنْ كَلَامِهِ حِينَ عَرَفُوا أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ نَزَلَ، حَتَّى فَرَغَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النور: ٦]. إِلَى: ﴿أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٩] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْشِرْ يَا هِلَالُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ فَرَجًا» فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْسِلُوا إِلَيْهَا» فَجَاءَتْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَا -[١٨٢]- عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهَا، فَكَذَّبَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَقَالَ هِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي، لَقَدْ صَدَقْتُ وَمَا قُلْتُ إِلَّا حَقًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَاعِنُوا بَيْنَهُمَا» قِيلَ لِهِلَالٍ: يَا هِلَالُ اشْهَدْ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فَقِيلَ لَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ: يَا هِلَالُ اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ النَّاسِ، إِنَّهَا الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ. فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدَ الْخَامِسَةَ: ﴿أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ ثُمَّ قِيلَ لَهَا: اشْهَدِي فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، فَقِيلَ لَهَا عِنْدَ الْخَامِسَةِ: اتَّقِي اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ النَّاسِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ، الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ الْعَذَابَ. فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي، فَشَهِدَتِ الْخَامِسَةَ: ﴿أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٩] فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لَهَا، وَلَا يُدْعَى لِأَبٍ، وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا "