حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ [النور: ٣١] قَالَ: «هُوَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا يَقُومُ زُبُّهُ» وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾ [النور: ٣١] فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: (غَيْرَ أُولِي الْإِرْبَةِ) بِنَصْبِ «غَيْرَ» وَلِنَصْبِ غَيْرَ هَاهُنَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَطْعِ مِنَ ﴿التَّابِعِينَ﴾ [النور: ٣١]، لِأَنَّ ﴿التَّابِعِينَ﴾ [النور: ٣١] مَعْرِفَةٌ وَغَيْرُ نَكِرَةٍ، وَالْآخَرُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَتَوْجِيهُ غَيْرَ إِلَى مَعْنَى إِلَّا، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِلَّا. وَقَرَأَ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْتُ بِخَفْضِ ﴿غَيْرِ﴾ [النور: ٣١] عَلَى أَنَّهَا نَعْتٌ لِلتَّابِعِينَ، وَجَازَ نَعْتُ التَّابِعِينَ بِـ «غَيْرِ» وَ «التَّابِعُونَ» مَعْرِفَةٌ وَغَيْرُ نَكِرَةٍ، لِأَنَّ التَّابِعِينَ مَعْرِفَةٌ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: أَوِ الَّذِينَ هَذِهِ -[٢٧١]- صِفَتُهُمْ. وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، مُسْتَفِيضَةٌ الْقِرَاءَةُ بِهِمَا فِي الْأَمْصَارِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، غَيْرَ أَنَّ الْخَفْضَ فِي «غَيْرِ» أَقْوَى فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَالْقِرَاءَةُ بِهِ أَعْجَبُ إِلَيَّ. وَالْإِرْبَةُ: الْفِعْلَةُ مِنَ الْأَرَبِ، مِثْلُ الْجِلْسَةِ مِنَ الْجُلُوسِ، وَالْمِشْيَةُ مِنَ الْمَشْي، وَهِيَ الْحَاجَةُ؛ يُقَالُ: لَا أَرَبَ لِي فِيكَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ؛ وَكَذَا أَرِبْتُ لِكَذَا وَكَذَا، إِذَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ، فَأَنَا آرَبُ لَهُ إِرْبًا. فَأَمَّا الْأُرْبَةُ، بِضَمِّ الْأَلِفِ: فَالْعُقْدَةُ


الصفحة التالية
Icon