ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «الْمِشْكَاةُ الْحَدَائِدُ الَّتِي يُعَلَّقُ بِهَا الْقِنْدِيلُ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْقُرْآنِ فِي قَلْبِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ، فَقَالَ: مَثَلُ نُورِ اللَّهِ الَّذِي أَنَارَ بِهِ لِعِبَادِهِ سَبِيلَ الرَّشَادِ، الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهِمْ، فَآمَنُوا بِهِ، وَصَدَّقُوا بِمَا فِيهِ، فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، مَثَلُ مِشْكَاةٍ، وَهِيَ عَمُودُ الْقِنْدِيلِ الَّذِي فِيهِ الْفَتِيلَةُ؛ وَذَلِكَ هُوَ نَظِيرُ الْكَوَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْحِيطَانِ الَّتِي لَا مَنْفَذَ لَهَا. وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ الْعَمُودُ مِشْكَاةً، لِأَنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ، وَهُوَ أَجْوَفُ، مَفْتُوحُ الْأَعْلَى، فَهُوَ كَالْكَوَّةِ الَّتِي فِي الْحَائِطِ الَّتِي لَا تَنْفَذُ. ثُمَّ قَالَ: ﴿فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النور: ٣٥] وَهُوَ السِّرَاجُ، وَجَعَلَ السِّرَاجَ، وَهُوَ الْمِصْبَاحُ مَثَلًا لِمَا فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْآيَاتِ الْمُبَيِّنَاتِ. ثُمَّ قَالَ: ﴿الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾ [النور: ٣٥] يَعْنِي: أَنَّ السِّرَاجَ الَّذِي فِي الْمِشْكَاةِ فِي الْقِنْدِيلِ، وَهُوَ الزُّجَاجَةُ، وَذَلِكَ مَثَلٌ لِلْقُرْآنِ، يَقُولُ: الْقُرْآنُ الَّذِي فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي أَنَارَ اللَّهُ قَلْبَهُ فِي صَدْرِهِ. ثُمَّ مَثَلُ الصَّدْرِ فِي خُلُوصِهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَالشَّكِّ فِيهِ، وَاسْتِنَارَتِهِ بِنُورِ الْقُرْآنِ، وَاسْتِضَاءَتِهِ بِآيَاتِ رَبِّهِ الْمُبَيِّنَاتِ، وَمَوَاعِظِهِ فِيهَا، بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ، فَقَالَ: ﴿الزُّجَاجَةُ﴾ [النور: ٣٥] وَذَلِكَ صَدْرُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي فِيهِ قَلْبُهُ ﴿كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيُّ﴾ [النور: ٣٥]. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿دُرِّيُّ﴾ [النور: ٣٥] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ


الصفحة التالية
Icon