الدَّالِ، بِمَعْنَى: يُوقِدُ الزُّجَاجَةُ مُوقِدُهَا مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ، لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَقِيلَ: تُوقَدُ. وَقَرَأَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ: (تَوَقَّدُ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، وَضَمِّ الدَّالِ؛ بِمَعْنَى: تتَوَقَّدُ الزُّجَاجَةُ مِنْ شَجَرَةٍ، ثُمَّ أُسْقِطَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ اكْتِفَاءً بِالْبَاقِيَةِ مِنَ الذَّاهِبَةِ. وَهَذِهِ الْقِرَاءَاتُ مُتَقَارِبَاتُ الْمَعَانِي، وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ بِهَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الزُّجَاجَةَ إِذَا وُصِفَتْ بِالتَّوَقُّدِ أَوْ بِأَنَّهَا تُوقَدُ، فَمَعْلُومٌ مَعْنَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَوَقَّدَ فِيهَا الْمِصْبَاحُ، أَوْ يُوقَدُ فِيهَا الْمِصْبَاحُ، وَلَكِنْ وَجَّهُوا الْخَبَرَ إِلَى أَنَّ وَصْفَهَا بِذَلِكَ أَقْرَبُ فِي الْكَلَامِ مِنْهَا، وَفَهْمِ السَّامِعِينَ مَعْنَاهُ، وَالْمُرَادِ مِنْهُ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبِأَيِّ الْقِرَاءَاتِ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، غَيْرَ أَنَّ أَعْجَبَ الْقِرَاءَاتِ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فِي ذَلِكَ: (تَوَقَّدَ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، وَفَتْحِ الدَّالِ، بِمَعْنَى وَصْفِ الْمِصْبَاحِ بِالتَّوَقُّدِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّدَ وَالِاتِّقَادَ لَا شَكَّ أَنَّهُمَا مِنْ صِفَتِهِ، دُونَ الزُّجَاجَةِ. فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذَنْ: كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ، الْمِصْبَاحُ مِنْ دُهْنِ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ، زَيْتُونَةٍ، لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ. وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ فِيمَا قَدْ مَضَى، وَنَذْكُرُ بَاقِيَ مَا حَضَرَنَا مِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ قَبْلُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا قِيلَ: لِهَذِهِ الشَّجَرَةِ: لَا