الظُّلُمَاتِ مَثَلًا لِأَعْمَالِهِمْ، وَالْبَحْرَ اللُّجِّيَّ مَثَلًا لِقَلْبِ الْكَافِرِ، يَقُولُ: عَمِلَ بِنِيَّةِ قَلْبٍ قَدْ غَمَرَهُ الْجَهْلُ، وَتَغَشَّتْهُ الضَّلَالَةُ وَالْحَيْرَةُ، كَمَا يَغْشَى هَذَا الْبَحْرَ اللُّجِّيَ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ، فَكَذَلِكَ قَلْبُ هَذَا الْكَافِرِ الَّذِي مَثَلُ عَمَلِهِ مَثَلُ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ، يَغْشَاهُ الْجَهْلُ بِاللَّهِ، بِأَنَّ اللَّهَ خَتَمَ عَلَيْهِ، فَلَا يَعْقِلُ عَنِ اللَّهِ، وَعَلَى سَمْعِهِ، فَلَا يَسْمَعُ مَوَاعِظَ اللَّهِ، وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً، فَلَا يُبْصِرُ بِهِ حُجَجَ اللَّهِ، فَتِلْكَ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾ [النور: ٤٠]. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠] قَالَ: يَعْنِي بِالظُّلُمَاتِ الْأَعْمَالَ، وَبِالْبَحْرِ اللُّجِّيِ قَلْبَ الْإِنْسَانِ. قَالَ: يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ، قَالَ: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ: الْغَشَاوَةَ الَّتِي عَلَى الْقَلْبِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ " وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [البقرة: ٧] الْآيَةَ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: ٢٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَفَلَا تَذْكَّرُونَ﴾ [يونس: ٣]
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور: ٤٠] " عَمِيقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْكَافِرِ يَعْمَلُ فِي -[٣٣١]- ضَلَالَةٍ وَحَيْرَةٍ قَالَ: ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ [النور: ٤٠] " وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ