بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضِ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ، قَالَ: ثني عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَوْ أَشْتَاتًا﴾ [النور: ٦١] وَذَلِكَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: ٢٩]، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَالطَّعَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَمْوَالِ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَّا أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ. فَكَفَّ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١]. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور: ٦١]
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١]. الْآيَةَ، " كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُخَالِطُهُمْ فِي طَعَامِهِمْ أَعْمَى وَلَا مَرِيضٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا كَانَ بِهِمُ التَّقَذُّرُ وَالتَّقَزُّزُ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَرِيضُ لَا يَسْتَوْفِي الطَّعَامَ كَمَا يَسْتَوْفِي الصَّحِيحُ، وَالْأَعْرَجُ الْمُنْحَبِسُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الطَّعَامِ، وَالْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ طَيِّبَ الطَّعَامِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ حَرَجٌ فِي مُؤَاكَلَةِ الْمَرِيضِ وَالْأَعْمَى -[٣٦٧]- وَالْأَعْرَجِ " فَمَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى تَأْوِيلِ هَؤُلَاءِ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِي الْأَعْمَى حَرَجٌ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْهُ وَمَعَهُ، وَلَا فِي الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلَا فِي الْمَرِيضِ حَرَجٌ، وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ. فَوَجَّهُوا مَعْنَى «عَلَى» فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى مَعْنَى «فِي» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَرْخِيصًا لِأَهْلِ الزَّمَانَةِ فِي الْأَكْلِ مِنْ بُيُوتِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْمًا كَانُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ مَا يُطْعِمُونَهُمْ، ذَهَبُوا بِهِمْ إِلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ بَعْضِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ أَهْلُ الزَّمَانَةِ يَتَخَوَّفُونَ مِنْ أَنْ يَطْعَمُوا ذَلِكَ الطَّعَامَ، لِأَنَّهُ أَطْعَمَهُمْ غَيْرَ مِلْكِهِ


الصفحة التالية
Icon