كما: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ [الفرقان: ٢٠] «إِنَّ رَبَّكَ لَبَصِيرٌ بِمَنْ يَجْزَعُ وَمَنْ يَصْبِرُ»
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ لِقَاءَنَا، وَلَا يَخْشَوْنَ عِقَابَنَا هَلَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا مَلَائِكَةً، فَتُخْبِرَنَا أَنَّ مُحَمَّدًا مُحِقٌّ فِيمَا يَقُولُ، وَأَنَّ مَا جَاءَنَا بِهِ صِدْقٌ، أَوْ نَرَى رَبَّنَا فَيُخْبِرُنَا بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْهُمْ: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء: ٩٠] ثُمَّ قَالَ بَعْدَ: ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٩٢] يَقُولُ اللَّهُ: لَقَدِ اسْتَكْبَرَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَتَعَظَّمُوا، ﴿وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ يَقُولُ: وَتَجَاوَزُوا فِي الِاسْتِكْبَارِ بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ حَدُّهُ، وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: " قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ﴾ [الفرقان: ٢١] فَيُخْبِرُونَا أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ﴿لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا﴾ -[٤٢٧]- لِأَنَّ عَتَا مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، فَأُخْرِجَ مَصْدَرُهُ عَلَى الْأَصْلِ بِالْوَاوِ. وَقِيلَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ [مريم: ٨] وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمُوَافَقَةِ الْمَصَادِرِ فِي هَذَا الْوَجْهِ جَمْعَ الْأَسْمَاءِ كَقَوْلِهِمْ: قَعَدَ قُعُودًا، وَهُمْ قَوْمٌ قُعُودٌ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْعَاتِي يُجْمَعُ عِتِيًّا بِنَاءً عَلَى الْوَاحِدِ، جُعِلَ مَصْدَرُهُ أَحْيَانًا مُوَافِقًا لَجَمْعِهِ، وَأَحْيَانًا مَرْدُودًا إِلَى أَصْلِهِ


الصفحة التالية
Icon