نَشَايِينَ. فَإِنْ قِيلَ: أَنَاسِيُّ جَمْعٌ وَاحِدُهُ إِنْسِيُّ فَهُوَ مَذْهَبٌ أَيْضًا مَحْكِيُّ، وَقَدْ يُجْمَعُ أَنَاسِي مُخَفَّفَةَ الْيَاءِ، وَكَأَنَّ مَنْ جَمَعَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَسْقَطَ الْيَاءَ الَّتِي بَيْنَ عَيْنِ الْفِعْلِ وَلَامِهِ، كَمَا يُجْمَعُ الْقُرْقُورُ: قَرَاقِيرَ وَقَرَاقِرَ. وَمِمَّا يُصَحِّحُ جَمَعَهُمْ إِيَّاهُ بِالتَّخْفِيفِ قَوْلُ الْعَرَبِ: أَنَاسِيَةُ كَثِيرَةٌ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا، فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كَفُورًا﴾ [الفرقان: ٥٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ قَسَمْنَا هَذَا الْمَاءَ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ الْمَيْتَ مِنَ الْأَرْضِ بَيْنَ عِبَادِي لِيَتَذَكَّرُوا نِعَمِي عَلَيْهِمْ، وَيَشْكُرُوا أَيَادِيَّ عِنْدَهُمْ وَإِحْسَانِي إِلَيْهِمْ، ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كَفُورًا﴾ [الإسراء: ٨٩] يَقُولُ: إِلَّا جُحُودًا لِنِعَمِي عَلَيْهِمْ وَأَيَادِيِّ عَلَيْهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ، يُحَدِّثُ طَاوُسًا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَا عَامٌ بِأَكْثَرَ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ بَيْنَ خَلْقِهِ؛ قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفرقان: ٥٠] "