الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا. فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَوْ شِئْنَا يَا مُحَمَّدُ لَأَرْسَلْنَا فِي كُلِّ مِصْرٍ وَمَدِينَةٍ نَذِيرًا يُنْذِرُهُمْ بَأْسَنَا عَلَى كُفْرِهِمْ بِنَا، فَيَخِفُّ عَنْكَ كَثِيرٌ مِنْ أَعْبَاءِ مَا حَمَّلْنَاكَ مِنْهُ، وَيَسْقُطُ عَنْكَ بِذَلِكَ مُؤْنَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَكِنَّا حَمَّلْنَاكَ ثِقَلَ نِذَارَةَ جَمِيعِ الْقُرَى لِتَسْتَوْجِبَ بِصَبْرِكَ عَلَيْهِ إِنْ صَبَرْتَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ وَالْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ قِبَلَهُ. فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ فِيمَا يَدْعُونَكَ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ فَنُذِيقَكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضَعُفَ الْمَمَاتِ، وَلَكِنْ جَاهِدْهُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ جِهَادًا كَبِيرًا، حَتَّى يَنْقَادُوا لِلْإِقْرَارِ بِمَا فِيهِ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَيَدِينُوا بِهِ وَيَذْعَنُوا لِلْعَمَلِ بِجَمِيعِهِ طَوْعًا وَكَرْهًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ [الفرقان: ٥٢] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ " ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ [الفرقان: ٥٢] قَالَ: بِالْقُرْآنِ "
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٢] قَالَ: الْإِسْلَامُ. وَقَرَأَ: ﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣] وَقَرَأَ: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: ١٢٣] وَقَالَ: -[٤٧١]- هَذَا الْجِهَادُ الْكَبِيرُ "


الصفحة التالية
Icon