ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسِ الْمَاصِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: " ﴿جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً﴾ [الفرقان: ٦٢] هَذَا يَخْلُفُ هَذَا، وَهَذَا يَخْلُفُ هَذَا "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً﴾ [الفرقان: ٦٢] قَالَ: " لَوْ لَمْ يَجْعَلْهُمَا خِلْفَةً لَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَعْمَلُ، لَوْ كَانَ الدَّهْرُ لَيْلًا كُلُّهُ كَيْفَ يَدْرِي أَحَدٌ كَيْفَ يَصُومُ، أَوْ كَانَ الدَّهْرُ نَهَارًا كُلُّهُ كَيْفَ يَدْرِي أَحَدٌ كَيْفَ يُصَلِّي. قَالَ: وَالْخِلْفَةُ: مُخْتَلِفَانِ، يَذْهَبُ هَذَا وَيَأْتِي هَذَا، جَعَلَهُمَا اللَّهُ خِلْفَةً لِلْعِبَادِ، وَقَرَأَ ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شَكُورًا﴾ [الفرقان: ٦٢] ". وَالْخِلْفَةُ: مَصْدَرٌ، فَلِذَلِكَ وُحِّدَتْ، وَهِيَ خَبَرٌ عَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خِلْفُ هَذَا مِنْ كَذَا خِلْفَةً، وَذَلِكَ إِذَا جَاءَ شَيْءٌ مَكَانَ شَيْءٍ ذَهَبَ قَبْلَهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر المديد]

وَلَهَا بِالْمَاطَرُونِ إِذَا أَكَلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعَا
-[٤٨٨]- خِلْفَةٌ حَتَّى إِذَا ارْتَبَعَتْ سَكَنَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِيَعَا
وَكَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
[البحر الطويل]
بِهَا الْعِينُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً وَأَطْلَاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: يَمْشِينَ خِلْفَةً: تَذْهَبُ مِنْهَا طَائِفَةٌ، وَتُخَلَّفُ مَكَانَهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى. وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ زُهَيْرًا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: خِلْفَةً: مُخْتَلِفَاتِ الْأَلْوَانِ، وَأَنَّهَا ضُرُوبٌ فِي أَلْوَانُهَا وَهَيْئَاتِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهَا تَذْهَبُ فِي مَشْيِهَا كَذَا، وَتَجِيءُ كَذَا


الصفحة التالية
Icon