الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ، وَآمَنَ، وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا، فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا﴾ [الفرقان: ٦٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ لَا يَعْبُدُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، فَيُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَلَكِنَّهُمْ يَخْلُصُونَ لَهُ الْعِبَادَةَ وَيُفْرِدُونَهُ بِالطَّاعَةِ ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾ [الفرقان: ٦٨] قَتَلَهَا ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: ١٥١] إِمَّا بِكُفْرٍ بِاللَّهِ بَعْدَ إِسْلَامِهَا، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانِهَا، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ فَتُقْتَلُ بِهَا ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾ [الفرقان: ٦٨] فَيَأْتُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إِتْيَانَهُ مِنَ الْفُرُوجِ ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣١] يَقُولُ: وَمَنْ يَأْتِ هَذِهِ الْأَفْعَالَ، فَدَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَقَتَلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَزَنَى ﴿يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] يَقُولُ: يَلْقَ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ عُقُوبَةً وَنَكَالًا، كَمَا وَصَفَهُ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان: ٦٩]. وَمَنَ الْأَثَامِ قَوْلُ بَلْعَاءَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنَانِيِّ:
[البحر الوافر]

جَزَى اللَّهُ ابْنَ عُرْوَةَ حَيْثُ أَمْسَى عُقُوقًا وَالْعُقُوقُ لَهُ أَثَامُ
يَعْنِي بِالْأَثَامِ: الْعِقَابَ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ


الصفحة التالية
Icon