ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: (بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ)، قَالَ: أَمْ أَدْرَكَ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ: (بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ)، قَالَ: أَمْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ مِنْ أَيْنَ يُدْرَكُ عِلْمُهُمْ ". حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِنَحْوِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (بَلْ أَدْرَكَ)، الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ: إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يَبْعَثُونَ﴾ [النحل: ٢١] بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ نَفْسَ وَقْتِ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ حِينَ يَبْعَثُونَ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ عِلْمُهُمْ بِهِ حِينَئِذٍ، فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ مِنْهَا فِي شَكٍّ، بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ. -[١١١]- وَإِنَّمَا قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَرُ مَعَانِيهِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ قَدِ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ مَا ظَهْرَ مِنْهُ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يَبْعَثُونَ، بَلْ يَشْعُرُونَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، فَالْكَلَامُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يَبْعَثُونَ، بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، بَلْ هُمْ فِي الدُّنْيَا فِي شَكٍّ مِنْهَا. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ [النمل: ٦٦] بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، فَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ مُجَاهِدٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى بَلْ: أَمْ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ أَمْ مَوْضِعَ بَلْ، وَمَوْضِعَ بَلْ: أَمْ، إِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ اسْتِفْهَامٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ | أَمِ النَّوْمُ أَمْ كُلٌّ إِلَيَّ حَبِيبُ |