حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " لَمْ يَقُلْ لَهَا: إِذَا وَلَدْتِيهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ، إِنَّمَا قَالَ لَهَا ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ، فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ [القصص: ٧] بِذَلِكَ أُمِرَتْ، قَالَ: جَعَلَتْهُ فِي بُسْتَانٍ، فَكَانَتْ تَأْتِيهِ كُلَّ يَوْمٍ فَتُرْضِعُهُ، وَتَأْتِيهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَتُرْضِعُهُ، فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ ". وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أُمِرَتْ أَن تُلْقِيَهُ فِي الْيَمِّ بَعْدَ وِلَادِهَا إِيَّاهُ، وَبَعْدَ رِضَاعِهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «لَمَّا وَضَعَتْهُ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ دَعَتْ لَهُ نَجَّارًا، فَجَعَلَ لَهُ تَابُوتًا، وَجَعَلَ مِفْتَاحَ التَّابُوتِ مِنْ دَاخِلٍ، وَجَعَلَتْهُ فِيهِ، فَأَلْقَتْهُ فِي الْيَمِّ». وَأَوْلَى قَوْلٍ قِيلَ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ أُمَّ مُوسَى أَنْ تُرْضِعَهُ، فَإِذَا خَافَتْ عَلَيْهِ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمِّ. وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ خَافَتْهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادِهَا إِيَّاهُ؛ وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ، فَقَدْ فَعَلَتْ مَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا فِيهِ، وَلَا خَبَرَ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ، وَلَا فِطْرَةَ فِي الْعَقْلِ لِبَيَانِ أَيِّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَيٍّ، فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَالْيَمُّ الَّذِي أُمِرَتْ أَنْ تُلْقِيَهُ فِيهِ هُوَ النِّيلُ.
كَمَا: حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، " ﴿فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ [القصص: ٧] قَالَ: هُوَ الْبَحْرُ، وَهُوَ النِّيلُ ". -[١٥٨]- وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ، وَذَكَرَ الرِّوَايَةَ فِيهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.