وَقَوْلُهُ: ﴿عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] يَقُولُ: يَكُونُ لَهُمْ عَدُوًّا فِي دِينِهِمْ، وَحَزَنًا عَلَى مَا يَنَالُهُمْ مِنْهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: " ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨] عَدُوًّا لَهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَحَزَنًا لِمَا يَأْتِيهِمْ ". وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ﴿وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨]، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالزَّايِ. وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (وَحُزْنًا) بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَسْكِينِ الزَّايِ. وَالْحَزَنُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالزَّايِ مَصْدَرٌ مِنْ حَزِنْتُ حُزْنًا، وَالْحُزْنُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَسْكِينِ الزَّايِ الِاسْمُ: كَالْعَدَمِ وَالْعُدْمِ وَنَحْوِهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، وَهُمَا عَلَى اخْتِلَافِ اللَّفْظِ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَالْعُدْمِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾ [القصص: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا بِرَبِّهِمْ آثِمِينَ، فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُمْ مُوسَى عَدُوًّا وَحَزَنًا.