ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «لَمَّا بَلَغَ مُوسَى أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى، آتَاهُ اللَّهُ حُكْمًا وَعِلْمًا، فَكَانَتْ لَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِيعَةٌ يَسْمَعُونَ مِنْهُ وَيُطِيعُونَهُ وَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَدَّ رَأْيُهُ، وَعَرَفَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، رَأَى فِرَاقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ حَقًّا فِي دِينِهِ، فَتَكَلَّمَ وَعَادَى وَأَنْكَرَ، حَتَّى ذُكِرَ مِنْهُ، وَحَتَّى أَخَافُوهُ وَخَافَهُمْ، حَتَّى كَانَ لَا يَدْخُلُ قَرْيَةَ فِرْعَوْنَ إِلَّا خَائِفًا مُسْتَخْفِيًا، فَدَخَلَهَا يَوْمًا عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مَدِينَتِهِ حِينَ عَلَاهُ بِالْعَصَا، فَلَمْ يَدْخُلْهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ كَبُرَ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ. قَالُوا: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا لِذِكْرِ مُوسَى؛ أَيْ مِنْ بَعْدِ نِسْيَانِهِمْ خَبَرَهُ وَأَمْرَهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [القصص: ١٥] قَالَ: لَيْسَ غَفْلَةً مِنْ سَاعَةٍ، وَلَكِنْ غَفْلَةٌ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى وَأَمْرِهِ. وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِامْرَأَتِهِ: أَخْرِجِيهِ عَنِّي، حِينَ ضَرَبَ رَأْسَهُ بِالْعَصَا، هَذَا الَّذِي قُتِلَتْ فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَقَالَتْ: هُوَ صَغِيرٌ، وَهُوَ كَذَا، هَاتِ جَمْرًا، فَأُتِيَ بِجَمْرٍ، فَأَخَذَ جَمْرَةً فَطَرَحَهَا فِي فِيهِ فَصَارَتْ عُقْدَةٌ فِي لِسَانِهِ، فَكَانَتْ تِلْكُ الْعُقْدَةُ -[١٨٥]- الَّتِي قَالَ اللَّهُ ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه: ٢٨]، قَالَ: أَخْرِجِيهِ عَنِّي، فَأُخْرِجَ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ حَتَّى كَبُرَ، فَدَخَلَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ ذِكْرِهِ ". وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي الصِّحَّةِ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾ [القصص: ١٤] ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [القصص: ١٥]. وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [القصص: ١٥] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ نِصْفُ النَّهَارِ.