حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى مَجْلِسِهِ عَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْرُ، وَقَامَ لَهُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى سَرِيرِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ غَدَاةٍ فِي بَعْضِ زَمَانِهِ غَدَا إِلَى مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِيهِ، فَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ. وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ يَأْتِيهِ نَوْبًا مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الطَّيْرِ طَائِرٌ، فَنَظَرَ فَرَأَى مِنْ أَصْنَافِ الطَّيْرِ كُلِّهَا قَدْ حَضَرَهُ إِلَّا الْهُدْهُدَ، فَقَالَ: مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: " أَوَّلُ مَا فَقَدَ سُلَيْمَانُ الْهُدْهُدَ نَزَلَ بِوَادٍ فَسَأَلَ الْإِنْسَ عَنْ مَائِهِ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ لَهُ مَاءً، فَإِنْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ جُنُودِكَ يَعْلَمُ لَهُ مَاءً فَالْجِنُّ، فَدَعَا الْجِنَّ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ لَهُ مَاءً وَإِنْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ جُنُودِكَ يَعْلَمُ لَهُ مَاءً فَالطَّيْرُ، فَدَعَا الطَّيْرَ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ لَهُ مَاءً، وَإِنْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ جُنُودِكَ يَعْلَمُهُ فَالْهُدْهُدَ، فَلَمْ يَجِدْهُ، قَالَ: فَذَاكَ أَوَّلُ مَا فَقَدَ الْهُدْهُدُ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: " ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ قَالَ: تَفَقَّدَ الْهُدْهُدَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَاءِ إِذَا رَكِبَ، وَإِنَّ سُلَيْمَانَ رَكِبَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: أَيْنَ الْهُدْهُدُ لِيَدُلَّنَا عَلَى الْمَاءِ؟ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَمَنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَفَقَّدَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الْهُدْهُدَ كَانَ يَنْفَعُهُ الْحَذَرُ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَجَلُ؛ فَلَمَّا بَلَغَ الْأَجَلُ لَمْ يَنْفَعْهُ الْحَذَرُ، وَحَالَ الْقَدَرُ دُونَ الْبَصَرِ ". -[٣٢]- فَقَدِ اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامِ وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَانَ سَبَبُ تَفَقُّدِهِ الْهُدْهُدَ وَسُؤَالِهِ عَنْهُ لِيَسْتَخْبِرَهُ عَنْ بُعْدِ الْمَاءِ فِي الْوَادِي الَّذِي نَزَلَ بِهِ فِي مَسِيرِهِ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: كَانَ تَفَقُّدُهُ إِيَّاهُ وَسُؤَالُهُ عَنْهُ لِإِخْلَالِهِ بِالنَّوْبَةِ الَّتِي كَانَ يَنُوبُهَا؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ إِذْ لَمْ يَأْتِنَا بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ تَنْزِيلٌ، وَلَا خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ. فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ، إِمَّا لِلنَّوْبَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا وَأَخَلَّتْ بِهَا، وَإِمَّا لِحَاجَةٍ كَانَتْ إِلَيْهَا عَنْ بُعْدِ الْمَاءِ.


الصفحة التالية
Icon