فَتَقُولِي: يَا قَارُونُ أَلَا تَنْهَى عَنِّي مُوسَى؟ قَالَتْ: بَلَى. فَلَمَّا جَلَسَ قَارُونُ، وَجَاءَ الْمَلَأُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَلَّبَ اللَّهُ قَلْبَهَا، وَأَحْدَثَ لَهَا تَوْبَةً، فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا: لِأَنَّ أُحْدِثَ الْيَوْمَ تَوْبَةً أَفْضَلُ مِنْ أَنْ أُوذِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُكَذِّبَ عَدُوَّ اللَّهِ لَهُ. فَقَالَتْ: إِنَّ قَارُونَ قَالَ لِي: هَلْ لَكِ أَنْ أُمَوِّلَكِ وَأُعْطِيَكِ وَأَخْلِطَكِ بِنِسَائِي عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي وَالْمَلَأُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدِي فَتَقُولِي: يَا قَارُونُ أَلَا تَنْهَى عَنِّي مُوسَى، فَلَمْ أَجِدْ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ لَا أُوذِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُكَذِّبَ عَدُوَّ اللَّهِ؛ فَلَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهَذَا الْكَلَامِ، سُقِطَ فِي يَدَيْ قَارُونَ، وَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَسَكَتَ الْمَلَأُ، وَعَرَفَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ، وَشَاعَ كَلَامُهَا فِي النَّاسِ، حَتَّى بَلَغَ مُوسَى؛ فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى اشْتَدَّ غَضَبُهُ، فَتَوَضَّأَ مِنَ الْمَاءِ، وَصَلَّى وَبَكَى، وَقَالَ: يَا رَبِّ، عَدُوُّكَ لِي مُؤْذٍ، أَرَادَ فَضِيحَتِي وَشَيْنِي، يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَيْهِ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ مُرِ الْأَرْضَ بِمَا شِئْتَ تُطِعْكَ. فَجَاءَ مُوسَى إِلَى قَارُونَ؛ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، عَرَفَ الشَّرَّ فِي وَجْهِ مُوسَى لَهُ، فَقَالَ: يَا مُوسَى ارْحَمْنِي؛ قَالَ: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ، قَالَ: فَاضْطَرَبَتْ دَارُهُ، وَسَاخَتْ بِقَارُونَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مُوسَى، فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبِهِمْ، وَهُوَ يَتَضَرَّعُ إِلَى مُوسَى: يَا مُوسَى ارْحَمْنِي؛ قَالَ: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ، قَالَ: فَاضْطَرَبَتْ دَارُهُ وَسَاخَتْ وَخُسِفَ بِقَارُونَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى سُرَرِهِمْ، وَهُوَ يَتَضَرَّعُ إِلَى مُوسَى: يَا مُوسَى ارْحَمْنِي؛ قَالَ: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ، فَخُسِفَ بِهِ وَبِدَارِهِ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: وَقِيلَ لِمُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُوسَى مَا أَفَظَّكَ، أَمَا وَعِزَّتِي، لَوْ إِيَّايَ نَادَى لَأَجَبْتُهُ "