وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ [الروم: ٣] فَإِنَّ الْقُرَّاءَ أَجْمَعِينَ عَلَى فَتْحِ الْيَاءِ فِيهَا، وَالْوَاجِبُ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ، أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ: (سَيُغْلَبُونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبَتِهِمْ فَارِسَ سَيَغْلِبُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَصِحَّ مَعْنَى الْكَلَامِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَامِ كَبِيرُ مَعْنًى إِنْ فُتِحَتِ الْيَاءُ، لِأَنَّ الْخَبَرَ عَمَّا قَدْ كَانَ يَصِيرُ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ أَنَّهُ سَيَكُونُ، وَذَلِكَ إِفْسَادُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ بِالْآخَرِ. وَقَوْلُهُ: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ [الروم: ٤] قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْبِضْعِ فِيمَا مَضَى، وَأَتَيْنَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
وَقَدْ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: ثنا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ الصَّفَّارُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: " مَا الْبِضْعُ؟ قَالَ: زَعَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ تِسْعٌ أَوْ سَبْعٌ ". وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم: ٤]
فَإِنَّ الْقَاسِمَ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ: " ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ﴾ [الرعد: ٣١] دَوْلَةُ فَارِسَ عَلَى الرُّومِ ﴿وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الأعراف: ١٢٩] دَوْلَةُ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ "