الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍّ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَوْمِكَ فِي خَلْقِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، وَأَنَّهُ خَلَقَهُمْ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئًا، ثُمَّ صَرَفَهُمْ أَحْوَالًا وَتَارَاتٍ حَتَّى صَارُوا رِجَالًا، فَيَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ قَادِرٌ أَنْ يُعِيدَهُمْ بَعْدَ فَنَائِهِمْ خَلْقًا جَدِيدًا، ثُمَّ يُجَازِي الْمُحْسِنَ مِنْهُمْ بِإِحْسَانِهِ. وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ، لَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِنْهُمْ فَيُعَاقِبُهُ بِجُرْمِ غَيْرِهِ، وَلَا يَحْرِمُ أَحَدًا مِنَهُمْ جَزَاءَ عَمَلِهِ، لِأَنَّهُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ، ﴿مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ إِلَّا بِالْعَدْلِ، وَإِقَامَةِ الْحَقِّ، ﴿وَأَجَلٍّ مُسَمًّى﴾ [الأنعام: ٢] يَقُولُ: وَبِأَجَلٍ مُؤَقَّتٍ مُسَمًّى، إِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَفْنَى ذَلِكَ كُلَّهُ، وَبَدَّلَ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ﴾ [الروم: ٨] جَاحِدُونَ مُنْكِرُونَ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِأَنَّ مَعَادَهُمْ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ فَنَائِهِمْ، وَغَفْلَةٍ مِنْهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ