الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [الروم: ٢٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنْ حُجَجِهِ ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا﴾ [الرعد: ١٢] لَكُمْ إِذَا كُنْتُمْ سَفَرًا، أَنْ تُمْطَرُوا فَتَتَأَذَّوْا بِهِ ﴿وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: ٥٦] لَكُمْ، إِذَا كُنْتُمْ فِي إِقَامَةٍ أَنْ تُمْطَرُوا، فَتَحْيَوْا وَتَخْصَبُوا ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [الروم: ٢٤] يَقُولُ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَطَرًا. فَيُحْيِي بِذَلِكَ الْمَاءِ الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ، فَتُنْبِتُ وَيَخْرُجُ زَرْعُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا. يَعْنِي جُدُوبِهَا وَدُرُوسِهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: ١٢] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ " ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الروم: ٢٤] قَالَ: خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ، وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ ". وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ سُقُوطِ أَنْ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: ١٢] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: لَمْ يَذْكُرْ هَاهُنَا «أَنْ» ؛ لِأَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
-[٤٨١]- أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغَى | وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي |
[البحر الرجز]
لَوْ قُلْتُ مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ تِيثَمِ | يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمَيْسَمِ |
[البحر الطويل]
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا | أَمُوتُ وَأُخْرَى أَبْتَغِي الْعَيْشَ أَكْدَحُ |