ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو لَيْلَى، عَنْ بُرَيْدَةَ، " ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: ٣٠] قَالَ: الْحِسَابُ الْقَيِّمُ "
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الدِّينَ الَّذِي أَمَرْتُكَ يَا مُحَمَّدُ بِهِ بِقَوْلِي ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ [الروم: ٣٠] هُوَ الدِّينُ الْحَقُّ دُونَ سَائِرِ الْأَدْيَانِ غَيْرِهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ [الروم: ٣١] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ [الروم: ٣١] تَائِبِينَ رَاجِعِينَ إِلَى اللَّهِ مُقْبِلِينَ
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: " ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ [الروم: ٣١] قَالَ: الْمُنِيبُ إِلَى اللَّهِ: الْمُطِيعُ لِلَّهِ، الَّذِي أَنَابَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ، وَرَجَعَ عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ. كَانَ الْقَوْمُ كُفَّارًا، فَنَزَعُوا وَرَجَعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ ". وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ يَا مُحَمَّدُ لِلدِّينِ حَنِيفًا ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ [الروم: ٣١] إِلَى اللَّهِ؛ فَالْمُنِيبُونَ حَالٌ مِنَ الْكَافِ الَّتِي فِي وَجْهِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَكُونُ حَالًا مِنْهَا، وَالْكَافُ كِنَايَةٌ عَنْ وَاحِدٍ، وَالْمُنِيبُونَ صِفَةٌ لِجَمَاعَةٍ؟ قِيلَ: لِأَنَّ الْأَمْرَ مِنَ الْكَافِ كِنَايَةُ اسْمِهِ مِنَ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَمْرٌ -[٤٩٨]- مِنْهُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ لِلدَّيْنِ حَنِيفًا لِلَّهِ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ.


الصفحة التالية
Icon