قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: «أَهْدَتْ لَهُ صَفَائِحَ الذَّهَبِ فِي أَوْعِيَةِ الدِّيبَاجِ؛ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ سُلَيْمَانَ أَمَرَ الْجِنَّ فَمَوَّهُوا لَهُ الْآجُرَّ بِالذَّهَبِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الطُّرُقِ؛ فَلَمَّا جَاءُوا فَرَأَوْهُ مُلْقًى مَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، صَغُرَ فِي أَعْيُنِهِمْ مَا جَاءُوا بِهِ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾ [النمل: ٣٤].. الْآيَةَ، وَقَالَتْ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ إِنْ كَانَ إِنَّمَا هِمَّتْهُ الدُّنْيَا فَسَنُرْضِيهِ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ الدِّينَ فَلَنْ يَقْبَلَ غَيْرَهُ ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ٣٥] "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " كَانَتْ بِلْقِيسُ امْرَأَةً لَبِيبَةً أَدِيبَةً فِي بَيْتِ مُلْكٍ، لَمْ تَمْلِكْ إِلَّا لِبَقَايَا مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِهَا، إِنَّهُ قَدْ سَيَّسَتْ وَسَاسَتْ حَتَّى أَحْكَمَهَا ذَلِكَ، وَكَانَ دِينُهَا وَدِينُ قَوْمِهَا فِيمَا ذُكِرَ الزِّنْدِيقِيَّةَ؛ فَلَمَّا قَرَأَتِ الْكِتَابَ سَمِعَتْ كِتَابًا لَيْسَ مِنْ كُتُبِ الْمُلُوكِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا، فَبَعَثَتْ إِلَى الْمُقَاوِلَةِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَتْ لَهُمْ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٣٠] إِلَى قَوْلِهِ ﴿بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ٣٥] ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابٌ لَمْ يَأْتِنِي مِثْلُهُ مِنْ مَلَكٍ مِنَ -[٥٥]- الْمُلُوكِ قَبْلَهُ، فَإِنْ يَكُنِ الرَّجُلُ نَبِيًّا مُرْسَلًا فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَلَا قُوَّةَ، وَإِنْ يَكُنِ الرَّجُلُ مَلِكًا يُكَاثِرُ، فَلَيْسَ بِأَعَزَّ مِنَّا وَلَا أَعَدَّ. فَهَيَّأَتْ هَدَايَا مِمَّا يُهْدَى لِلْمُلُوكِ، مِمَّا يُفْتَنُونَ بِهِ، فَقَالَتْ: إِنْ يَكُنْ مَلِكًا فَسَيَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيَرْغَبُ فِي الْمَالِ، وَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَلَيْسَ لَهُ فِي الدُّنْيَا حَاجَةٌ، وَلَيْسَ إِيَّاهَا يُرِيدُ، إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ نَدْخُلَ مَعَهُ فِي دِينِهِ، وَنَتَّبِعَهُ عَلَى أَمْرِهِ، أَوْ كَمَا قَالَتْ "