وَقَوْلِهِ: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٠] يَقُولُ: فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنَ اشْتِرَائِهِ لَهْوَ الْحَدِيثِ، جَهْلًا مِنْهُ بِمَا لَهُ فِي الْعَاقِبَةِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ وِزْرِ ذَلِكَ وَإِثْمِهِ.
وَقَوْلُهُ ﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا﴾ [لقمان: ٦] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (وَيَتَّخِذُهَا)، رَفْعًا، عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿يَشْتَرِي﴾ [لقمان: ٦] كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ وَيَتَّخِذُ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ [لقمان: ٦] نَصْبًا عَطْفًا عَلَى (يُضِلَّ)، بِمَعْنَى: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَلِيَتَّخِذَهَا هُزُوًا. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ، فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِي قِرَاءَتِهِ، وَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ [لقمان: ٦] مِنْ ذِكْرِ سَبِيلِ اللَّهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " ﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا﴾ [لقمان: ٦] قَالَ: سَبِيلَ اللَّهِ ". وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ آيَاتِ الْكِتَابِ.