قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " الْحِكْمَةُ: الْأَمَانَةُ ". وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ نَبِيًّا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «كَانَ لُقْمَانُ نَبِيًّا»
وَقَوْلُهُ: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ [لقمان: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ، أَنِ احْمِدِ اللَّهَ عَلَى مَا آتَاكَ مِنْ فَضْلِهِ؛ وَجَعَلَ قَوْلَهُ ﴿أَنِ اشْكُرْ﴾ [لقمان: ١٢] تَرْجَمَةً عَنِ الْحِكْمَةِ، لِأَنَّ مِنَ الْحِكْمَةِ الَّتِي كَانَ أُوتِيهَا، كَانَ شُكْرُهُ اللَّهَ عَلَى مَا آتَاهُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنَ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ [لقمان: ١٢] يَقُولُ: وَمَنْ يَشْكُرِ اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ عِنْدَهُ، فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ يُجْزِلُ لَهُ عَلَى شُكْرِهِ إِيَّاهُ الثَّوَابَ، وَيُنْقِذُهُ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ.
﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لقمان: ١٢] يَقُولُ: وَمَنْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ، إِلَى نَفْسِهِ أَسَاءَ، لِأَنَّ اللَّهَ مُعَاقِبُهُ عَلَى كُفْرَانِهِ إِيَّاهُ، وَاللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ شُكْرِهِ إِيَّاهُ عَلَى نِعَمِهِ، لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ، لِأَنَّ شُكْرَهُ إِيَّاهُ لَا يَزِيدُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يُنْقِصُ كُفْرَانُهُ إِيَّاهُ مِنْ مِلْكِهِ. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ ﴿حَمِيدٌ﴾ [البقرة: ٢٦٧] مَحْمُودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ، كَفَرَ الْعَبْدُ نِعْمَتَهُ أَوْ شَكَرَهُ عَلَيْهَا؛ وَهُوَ مَصْرُوفٌ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ -[٥٥٠]- وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣] يَقُولُ: لَخَطَأٌ مِنَ الْقَوْلِ عَظِيمٌ.