ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: " ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [السجدة: ٥] قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مِقْدَارُ مَا بَيْنَ الْأَرْضِ حِينَ يُعْرَجُ إِلَيْهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ عُرُوجَهُ أَلْفُ سَنَةٍ، هَذَا مِقْدَارُ ذَلِكَ الْمِعْرَاجِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ يَعْرُجُ فِيهِ ". وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ، كَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي عُرُوجِ ذَلِكَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ وَنُزُولِهِ إِلَى الْأَرْضِ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ مِنْ أَيَّامِكُمْ، خَمْسُ مِائَةٍ فِي النُّزُولِ، وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الصَّعُودِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَرُ مَعَانِيهِ، وَأَشْبَهُهَا بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [السجدة: ٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي يَفْعَلُ مَا وَصَفْتُ لَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ، يَعْنِي عَالِمَ مَا يَغِيبُ عَنْ أَبْصَارِكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، فَلَا تُبْصِرُونَهُ مِمَّا تُكِنُّهُ الصُّدُورُ، وَتُخْفِيهِ النُّفُوسُ، وَمَا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ، ﴿وَالشَّهَادَةِ﴾ [الأنعام: ٧٣] يَعْنِي مَا شَاهَدَتْهُ الْأَبْصَارُ فَأَبْصَرَتْهُ وَعَايَنَتْهُ، وَمَا هُوَ مَوْجُودٌ ﴿الْعَزِيزُ﴾ [البقرة: ١٢٩] يَقُولُ: -[٥٩٧]- الشَّدِيدُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ، وَأَشْرَكَ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الفاتحة: ١] بِمَنْ تَابَ مِنْ ضَلَالَتِهِ، وَرَجَعَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، أَنْ يُعَذِّبَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ.