وَقَوْلُهُ: ﴿هُدًى﴾ [البقرة: ٢] مِنْ صِفَةِ الْقُرْآنِ. يَقُولُ: هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ بَيَّنَ بِهِ طَرِيقَ الْحَقِّ وَسَبِيلَ السَّلَامِ.
﴿وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٩٧] يَقُولُ: وَبِشَارَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَ بِمَا أُنْزِلَ فِيهِ بِالْفَوْزِ الْعَظِيمِ فِي الْمَعَادِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿هُدًى وَبُشْرَى﴾ [النمل: ٢] وَجْهَانِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ: الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ بِمَعْنَى: هُوَ هُدًى وَبُشْرَى. وَالنُّصْبُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ الْهُدَى وَالْبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أُسْقِطَتِ الْأَلْفُ وَاللَّامُ مِنَ الْهُدَى وَالْبُشْرَى، فَصَارَا نَكِرَةً، وَهُمَا صِفَةٌ لِلْمَعْرِفَةِ فَنُصِبَا.
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ [المائدة: ٥٥] يَقُولُ: هُوَ هُدًى وَبُشْرَى لِمَنْ آمَنَ بِهَا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [المائدة: ٥٥] يَقُولُ: وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: وَيُطَهِّرُونَ أَجْسَادَهُمْ مِنْ دَنَسِ الْمَعَاصِي. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٣] يَقُولُ: وَهُمْ مَعَ إِقَامَتِهِمُ الصَّلَاةَ، وَإِيتَائِهِمُ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ، بِالْمَعَادِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْمَمَاتِ يُوقِنُونَ، فَيَذَلُّونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، -[٧]- رَجَاءَ جَزِيلِ ثَوَابِهِ، وَخَوْفَ عَظِيمِ عِقَابِهِ، وَلَيْسُوا كَالَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ، وَلَا يُبَالُونَ أَحْسَنُوا أَمْ أَسَاءُوا، وَأَطَاعُوا أَمْ عَصَوْا، لِأَنَّهُمْ إِنْ أَحْسَنُوا لَمْ يَرْجُوا ثَوَابًا، وَإِنْ أَسَاءُوا لَمْ يَخَافُوا عِقَابًا.