حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، " ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ﴾ [السجدة: ٢٦] عَادٌ وَثَمُودُ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ "
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ [يونس: ٦٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي خَلَاءِ مَسَاكِنِ الْقُرُونِ الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِهَا الَّذِينَ كَانُوا سُكَّانَهَا وَعُمَّارَهَا بِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا رُسُلَنَا وَجَحَدُوا بِآيَاتِنَا، وعَبْدُوا مِنْ دُونَ اللَّهِ آلِهَةً غَيْرَهُ الَّتِي يَمُرُّونَ بِهَا فَيُعَايِنُونَهَا لَآيَاتٍ لَهُمْ وَعِظَاتٍ يَتَّعِظُونَ بِهَا، لَوْ كَانُوا أُولِي حِجًا وَعُقُولٍ. يَقُولُ اللَّهُ: ﴿أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ [السجدة: ٢٦] عِظَاتِ اللَّهِ وَتَذْكِيرَهُ إِيَّاهُمْ آيَاتَهُ، وَتَعْرِيفَهُمْ مَوَاضِعَ حُجَجِهِ؟
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ﴾ [السجدة: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالنَّشْرِ بَعْدَ الْفَنَاءِ، أَنَّا بِقُدْرَتِنَا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْيَابِسِةِ الْغَلِيظَةِ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا؛ وَأَصْلُهُ -[٦٤١]- مِنْ قَوْلُهِمْ: نَاقَةٌ جُرُزٌ: إِذَا كَانَتْ تَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْجُرُوزُ: الَّتِي لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِهَا شَيْءٌ إِلَّا أَفْسَدَتْهُ نَظِيرَ أَكْلِ النَّاقَةِ الْجُرَازِ كُلَّ مَا وَجَدَتْهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْإِنْسَانِ الْأَكُولِ: جُرُوزٌ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
[البحر الرجز]
خَبٌّ جُرُوزٌ وَإِذَا..
وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيْفِ إِذَا كَانَ لَا يُبْقِي شَيْئًا إِلَّا قَطَعَهُ: سَيْفٌ جُرَازٌ، فِيهِ لُغَاتٌ أَرْبَعٌ: أَرْضٌ جُرُزٌ، وَجُرْزٌ، وَجَرْزٌ وَجَرُزٌ، وَالْفَتْحُ لِبَنِي تَمِيمٍ فِيمَا بَلَغَنِي. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.


الصفحة التالية
Icon