ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ " ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [السجدة: ٢٨] قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لَنَا يَوْمًا أَوْشَكَ أَنْ نَسْتَرِيحَ فِيهِ وَنَنْعُمَ فِيهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [السجدة: ٢٨] ". وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ: فَتْحُ مَكَّةَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: وَيَقُولُونَ مَتَى يَجِيءُ هَذَا الْحُكْمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، يَعْنُونَ الْعَذَابَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ قَوْلُهُ: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [السجدة: ٢٩] وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكُفَّارَ قَدْ كَانَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ التَّوْبَةَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ﴾ [السجدة: ٢٨] عَلَى مَا قَالَهُ مَنْ قَالَ: يَعْنِي بِهِ: فَتْحُ مَكَّةَ، لَكَانَ لَا تَوْبَةَ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَابَ عَلَى بَشَرً كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَنَفَعَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ فَمَعْلُومٌ بِذَلِكَ صِحَّةُ مَا قُلْنَا مِنَ التَّأْوِيلَ، وَفَسَادُ مَا خَالَفَهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٣] يَعْنِي: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي الَّذِي تَقُولُونَ مِنْ أَنَّا مُعَاقَبُونَ عَلَى تَكْذِيبِنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِبَادَتِنَا الْآلِهَةَ وَالْأَوْثَانَ.