حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ يَعْنِي الْعَبْدِيَّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تُعَيِّرُ النِّسَاءَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ: " أَمَا تَسْتَحْيِي امْرَأَةُ أَنْ تَعْرِضَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ، فَنَزَلَتْ، أَوْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي﴾ [الأحزاب: ٥١] إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَقُلْتُ: «إِنِّي لَأَرَى رَبَّكَ يُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] الْآيَةُ قَالَ: " كَانَ أَزْوَاجُهُ قَدْ تَغَايَرْنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَجَرَهُنَّ شَهْرًا، ثُمَّ نَزَلَ التَّخْيِيرُ مِنَ اللَّهِ لَهُ فِيهِنَّ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣] فَخَيَّرْهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَخْتَرْنَ أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلَهُنَّ وَيُسَرِّحْهُنَّ وَبَيْنَ أَنْ يُقِمْنَ إِنْ أَرَدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَنْكِحْنَ أَبَدًا، وَعَلَى أَنَّهُ يُؤْوِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُنَّ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، وَيُرْجِي مَنْ يَشَاءُ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، وَمَنِ ابْتَغَى مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَعَزَلَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ، ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ، وَيَرْضَيْنَ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنْ قَضَائِي عَلَيْهِنَّ إِيثَارُ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ﴾ [المائدة: ١٠٨] يَرْضَيْنَ، -[١٤٣]- قَالَ: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ﴾ [الأحزاب: ٥١] مِمَّنْ عَزَلْتَ: مِنَ ابْتَغَى أَصَابَهُ، وَمَنْ عَزَلَ لَمْ يُصِبْهُ، فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَرْضَيْنَ بِهَذَا، أَوْ يُفَارِقَهُنَّ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، إِلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً بَدَوِيَّةً ذَهَبَتْ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ لَهُ هَذَا الشَّرْطَ، مَا زَالَ يَعْدِلُ بَيْنَهُنَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ جَعَلَ لِنَبِيِّهِ أَنْ يُرْجِي مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ لَهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُؤْوِي إِلَيْهِ مِنْهُنَّ مَنْ يَشَاءُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُرْ مَعْنَى الْإِرْجَاءِ وَالْإِيوَاءِ عَلَى الْمَنْكُوحَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ فِي حِبَالِهِ، عِنْدَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دُونَ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ يَسْتَحْدِثُ إِيوَاؤُهَا أَوْ إِرْجَاؤُهَا مِنْهُنَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْنَى الْكَلَامِ: تُؤَخِّرُ مَنْ تَشَاءُ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، وَأَحْلَلْتُ لَكَ نِكَاحَهَا، فَلَا تَقْبَلْهَا وَلَا تَنْكِحْهَا، أَوْ مِمَّنْ هُنَّ فِي حِبَالِكَ، فَلَا تَقْرَبْهَا، وَتَضُمُ إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، أَوْ أَرَدْتَ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي أَحْلَلْتُ لَكَ نِكَاحَهُنَّ، فَتَقْبَلُهَا أَوْ تَنْكِحُهَا، وَمِمَّنْ هِيَ فِي حِبَالِكَ فَتُجَامِعْهَا إِذَا شِئْتَ، وَتَتْرُكَهَا إِذَا شِئْتَ بِغَيْرِ قَسْمٍ


الصفحة التالية
Icon