وَأَنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِمَا قَدْ بَيْنَنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الَّذِي قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] لَا يَحِلُّ لَكَ الْيَهُودِيَّةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْكَافِرَةُ، قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِذْا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] كَافِرَةً لَا مَعْنَى لَهُ، إِذْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ مَنْ قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَيْهِ قَبْلُ وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، لَكَانَتِ الْقِرَاءَةُ وَالتَّنْزِيلُ: وَلَا أَنْ تُبَادِلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ، أَوْ: وَلَا أَنْ تُبَدِّلَ بِهِنَّ بِضَمِّ التَّاءِ؛ وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] بِفَتْحِ التَّاءِ، بِمَعْنَى: وَلَا أَنْ تَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ، مَعَ أَنَّ الَّذِيَ ذَكَرَ ابْنُ زَيْدٍ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي أُمَّةٍ نَعْلَمُهُ مِنَ الْأُمَمِ: أَنْ يُبَادِلَ الرَّجُلُ آخَرَ بِامْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ، فَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فِعْلٍ مِثْلِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى نِسَائِهِ اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْدَهُ، فَيَكُونُ مُوَجِّهًا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾ [الأحزاب: ٥٢] إِلَى مَا تَأَوَّلَتْ، أَوْ قَالَ: وَأَيْنَ ذَكَرَ أَزْوَاجَهُ اللَّوَاتِي كُنَّ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَتَكُونُ الْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] مِنْ ذِكْرِهِنَّ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْهَاءَ فِي ذَلِكَ عَائِدَةٌ عَلَى النِّسَاءِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قِيلَ: قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي كَانَ اللَّهُ