قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ بَعَثَ: «اغْدُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَوَلَّوْا، ادْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكُمْ فَاقْبَلُوا وَادْعُوهُمْ إِلَى الْهِجْرَةِ، فَإِذَا هَاجَرُوا مَعَكُمْ، فَلَهُمْ مَا لَكُمْ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَبَوْا وَلَمْ يُهَاجِرُوا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَقِرُّوهُمْ فِيهَا فَهُمْ كَالْأَعْرَابِ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْفَيْءِ نَصِيبٌ»
قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ الْفَتْحُ وَانْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ». وَكَثُرَ الْإِسْلَامُ، وَتَوَارَثَ النَّاسُ عَلَى الْأَرْحَامِ حَيْثُ كَانُوا، وَنُسِخَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ نَصِيبٌ، وَإِنْ أَقَامُوا وَأَبَوْا، وَكَانَ حَقُّهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَاحِدٌ: الْمُهَاجِرُ وَغَيْرُ الْمُهَاجِرِ وَالْبَدَوِيُّ وَكُلُّ أَحَدٍ، حِينَ جَاءَ الْفَتْحُ ". فَمَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلَ: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ بِبَعْضِهِمْ أَنْ يَرِثُوهُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ ظَاهَرَ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ مِنْ صِلَةِ الْأَرْحَامِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِنْ وَلَمْ يُهَاجِرْ.
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: ٦] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي -[١٩]- تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِلَّا أَنْ تُوصُوا لِذَوِي قَرَابَتِكِمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ.


الصفحة التالية
Icon