وَالنَّهَارُ مَعَ الشَّمْسِ وَأَمَّا الْفَرَّاءُ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْحَرُورُ يَكُونُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالسَّمُومُ لَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، أَنَّ الْحَرُورَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، غَيْرَ أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَشْبَهُ مَعَ الشَّمْسِ، لِأَنَّ الظِّلَّ إِنَّمَا يَكُونُ فِي يَوْمٍ شَمِسٍ، فَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْحَرُورِ: الَّذِي يُوجَدُ فِي حَالِ وُجُودِ الظِّلِّ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ [فاطر: ٢٢] يَقُولُ: وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ الْقُلُوبُ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَعْرِفَةِ تَنْزِيلِ اللَّهِ، وَالْأَمْوَاتُ الْقُلُوبُ لَغَلَبَةِ الْكُفْرِ عَلَيْهَا، حَتَّى صَارَتْ لَا تَعْقِلُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَلَا تَعْرِفُ الْهُدَى مِنَ الضَّلَالِ؛ وَكُلُّ هَذِهِ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْإِيمَانِ، وَالْكَافِرِ وَالْكُفْرِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ [فاطر: ١٩] الْآيَةَ، قَالَ: " هُوَ مِثْلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ وَأَهْلِ الْمَعْصِيَةِ. يَقُولُ: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالظُّلُمَاتُ وَالْحَرُورُ، وَلَا الْأَمْوَاتُ، فَهُوَ مَثَلُ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يَسْتَوِي الْبَصِيرُ وَلَا النُّورُ، وَلَا الظِّلُّ وَالْأَحْيَاءُ، فَهُوَ مَثَلُ أَهْلِ الطَّاعَةِ "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَسْتَوِي -[٣٥٨]- الْأَعْمَى﴾ [فاطر: ١٩] «الْآيَةَ خَلْقًا، فَضَّلَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ؛ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَعَبْدٌ حَيُّ الْأَثَرِ، حَيُّ الْبَصَرِ، حَيُّ النِّيَّةِ، حَيُّ الْعَمَلِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَعَبْدٌ مَيِّتٌ، مَيِّتُ الْبَصَرِ، مَيِّتُ الْقَلْبِ، مَيِّتُ الْعَمَلِ»