وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ تَنْذِرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ، الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَلَمْ يُرْسِلْكَ رَبُّكَ إِلَيْهِمْ إِلَّا لِتُبَلِّغَهُمْ رِسَالَتَهُ، وَلَمْ يُكَلِّفْكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا لَا سَبِيلَ لَكَ إِلَيْهِ؛ فَأَمَّا اهْتِدَاؤُهُمْ وَقُبُولُهُمْ مِنْكَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ اللَّهِ لَا بِيَدِكَ، وَلَا بِيَدِ غَيْرِكَ مِنَ النَّاسِ، فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنْ هُمْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [فاطر: ٢٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ﴾ [البقرة: ١١٩] يَا مُحَمَّدُ ﴿بِالْحَقِّ﴾ [البقرة: ٧١] وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَشَرَائِعُ الدِّينِ الَّتِي افْتَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ ﴿بَشِيرًا﴾ [البقرة: ١١٩] يَقُولُ: مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ مَنْ صَدَّقَكَ وَقَبِلَ مِنْكَ مَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ النَّصِيحَةِ ﴿وَنَذِيرًا﴾ [البقرة: ١١٩] تَنْذِرُ النَّاسَ مَنْ كَذَّبَكَ وَرَدَّ عَلَيْكَ مَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ النَّصِيحَةِ {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ