وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [فاطر: ٣٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ أَخْبَرَ أَنَّهُ اصْطَفَاهُمْ مِنْ عِبَادِهِ عِنْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ: إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، فَسَاتِرُهَا عَلَيْهِمْ بِعَفْوِهِ لَهُمْ عَنْهَا، شَكُورٌ لَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ وَصَالِحِ مَا قَدَّمُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَعْمَالِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [فاطر: ٣٤] «لِحَسَنَاتِهِمْ»
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ شِمْرٍ ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [فاطر: ٣٤] «غَفَرَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ ذَنْبٍ، وَشَكَرَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ»
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ [فاطر: ٣٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ الَّذِينَ أُدْخِلُوا الْجَنَّةَ ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ﴾ [فاطر: ٣٥] أَيْ رَبُّنَا الَّذِي أَنْزَلَنَا هَذِهِ الدَّارَ، يَعْنُونَ الْجَنَّةَ؛ فَدَارُ الْمُقَامَةِ: دَارُ الْإِقَامَةِ الَّتِي لَا نَقْلَةَ مَعَهَا عَنْهَا، وَلَا تَحَوُّلَ؛ وَالْمِيمُ إِذَا ضُمَّتْ مِنَ الْمُقَامَةِ، فَهِيَ مِنَ الْإِقَامَةِ؛ فَإِذَا فُتِحَتْ فَهِيَ مِنَ الْمَجْلِسِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُقَامُ فِيهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر البسيط]
-[٣٨١]- يَوْمَانِ يَوْمُ مَقَامَاتٍ وَأَنْدِيَةٍ | وَيَوْمُ سَيْرٍ إِلَى الْأَعْدَاءِ تَأْوِيبِ |