حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ذَهَبَ جُنْدُبٌ الْبَجَلِيُّ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: حَدِّثْنَا مَا حَدَّثَكَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَنَّ السَّمَاءَ فِي قُطْبٍ كَقُطْبِ الرَّحَا، وَالْقُطْبُ عَمُودٌ عَلَى مَنْكِبِ مَلِكٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " لَوَدِدْتُ أَنَّكَ افْتَدَيْتَ رِحْلَتِكَ بِمِثْلِ رَاحِلَتِكَ؛ ثُمَّ قَالَ: مَا تَنْتَكِتُ الْيَهُودِيَّةُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فَكَادَتْ أَنْ تُفَارِقَهُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ كَفَى بِهَا زَوَالًا أَنْ تَدُورَ "
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: ٤٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ حَلِيمًا عَمَّنْ أَشْرَكَ وَكَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقِهِ فِي تَرْكِهِ تَعْجِيلَ عَذَابِهِ لَهُ، غَفُورًا لِذُنُوبِ مَنْ تَابَ مِنْهُمْ، وَأَنَابَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَقْسَمَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ؛ يَقُولُ: أَشَدَّ الْإِيمَانِ، فَبَالَغُوا فِيهَا، لَئِنْ جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مُنْذِرٌ يُنْذِرُهُمْ بَأْسَ اللَّهِ ﴿لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ﴾ [فاطر: ٤٢] يَقُولُ: لَيَكُونُنَّ أَسْلَكَ لِطَرِيقِ الْحَقِّ، وَأَشَدَّ قُبُولًا لِمَا يَأْتِيهُمْ بِهِ النَّذِيرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ الَّتِي خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ؛ ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٤٢] يَعْنِي بِالنَّذِيرِ: مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: فَلَمَّا جَاءَهُمْ