وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهْ مِنْ شَيْءِ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَنْ يُعْجِزَنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ عَبَدَةِ الْآلِهَةِ، الْمُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا فَيَسْبِقُونَا هَرَبًا فِي الْأَرْضِ، إِذَا نَحْنُ أَرَدْنَا هَلَاكَهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُعْجِزَهُ شَيْءٌ يُرِيدُهُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ، وَلَنْ يَقْدِرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: ٤٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا بِخَلْقِهِ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَنْ هُوَ الْمُسْتَحِقُ مِنْهُمْ تَعْجِيلَ الْعُقُوبَةِ، وَمَنْ هُوَعَنْ ضَلَالَتِهِ مِنْهُمْ رَاجِعٌ إِلَى الْهُدَى آيِبٌ، قَدِيرًا عَلَى الِانْتِقَامِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَتَوْفِيقِ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ [فاطر: ٤٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ يَقُولُ وَلَوْ يُعَاقِبُ اللَّهُ النَّاسَ، وَيُكَافِئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَاجْتَرَحُوا مِنَ الْآثَامِ، مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ تَدِبُّ عَلَيْهَا ﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرَهُمْ إِلَى أَجْلٍ مُسَمًّى﴾ [النحل: ٦١] يَقُولُ: وَلَكِنْ يُؤَخِّرَ عِقَابَهُمْ وَمُؤَاخَذَتَهُمْ بِمَا كَسَبُوا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ، مَحْدُودٍ لَا يُقَصِّرُونَ -[٣٩٧]- دُونَهُ، وَلَا يُجَاوِزُونَهُ إِذَا بَلَغُوهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ