الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ [يس: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَسَوَاءٌ يَا مُحَمَّدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ، أَيِ الْأَمْرَيْنِ كَانَ مِنْكَ إِلَيْهِمُ الْإِنْذَارُ، أَوْ تَرْكُ الْإِنْذَارِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ [يس: ١١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّمَا يَنْفَعُ إِنْذَارُكَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ، وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ﴾ [يس: ١١] يَقُولُ: وَخَافَ اللَّهَ حِينَ يَغِيبَ عَنْ أَبْصَارِ النَّاظِرِينَ، لَا الْمُنَافِقَ الَّذِي يَسْتَخِفُّ بِدِينِ اللَّهِ إِذَا خَلَا، وَيُظْهِرُ الْإِيمَانَ فِي الْمَلَأٍ، وَلَا الْمُشْرِكَ الَّذِي قَدْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ -[٤٠٨]- وَقَوْلُهُ: ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ﴾ [يس: ١١] يَقُولُ: فَبَشِّرْ يَا مُحَمَّدُ هَذَا الَّذِي اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ بِمَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ لِذُنُوبِهِ. ﴿وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ [يس: ١١] يَقُولُ: وَثَوَابٍ مِنْهُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ كَرِيمٍ، وَذَلِكَ أَنْ يُعْطِيَهَ عَلَى عَمَلِهِ ذَلِكَ الْجَنَّةَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon