وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ [الأعراف: ٨١] يَقُولُ: قَالُوا لَهُمْ: مَا بِكُمُ التَّطَيُّرُ بِنَا، وَلَكِنَّكُمْ قَوْمٌ أَهْلُ مَعَاصٍ لِلَّهِ وَآثَامٍ، قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْكُمُ الذُّنُوبُ وَالْآثَامُ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ [يس: ٢٠] يَقُولُ: وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى مَدِينَةِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أُرْسِلَتْ إِلَيْهِمْ هَذِهِ الرُّسُلُ رَجُلٌ يَسْعَى إِلَيْهِمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ هَذِهِ عَزَمُوا، وَاجْتَمَعَتْ آرَاؤُهُمْ عَلَى قَتْلِ هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا ذُكِرَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ هَذَا الرَّجُلَ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مُؤْمِنًا، وَكَانَ اسْمُهُ فِيمَا ذُكِرَ حَبِيبُ بْنُ مُرِّيٍّ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: «كَانَ صَاحِبُ يَس حَبِيبَ بْنَ مُرِّيٍّ»
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ صَاحِبِ يَس فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيمَا بَلَغَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ " أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَّةَ، وَكَانَ اسْمُهُ حَبِيبًا، وَكَانَ يَعْمَلُ الْجَرِيرَ، وَكَانَ رَجُلًا سَقِيمًا، قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ الْجُذَامُ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ -[٤٢٠]- عِنْدَ بَابٍ مِنْ أَبْوَبِ الْمَدِينَةِ قَاصِيًا، وَكَانَ مُؤْمِنًا ذَا صَدَقَةٍ، يَجْمَعُ كَسْبَهُ إِذَا أَمْسَى فِيمَا يَذْكُرُونَ، فَيَقْسِمُهُ نِصْفَيْنٍ، فَيُطْعِمُ نِصْفًا عِيَالَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِنِصْفٍ، فَلَمْ يُهِمَّهُ سَقَمُهُ وَلَا عَمَلُهُ وَلَا ضَعْفُهُ، عَنْ عَمَلِ رَبِّهِ، قَالَ: فَلَمَّا أَجْمَعَ قَوْمُهُ عَلَى قَتْلِ الرُّسُلِ، بَلَغَ ذَلِكَ حَبِيبًا وَهُوَ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الْأَقْصَى، فَجَاءَ يَسْعَى إِلَيْهِمْ يُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اتِّبَاعِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢٠] "