الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ يَعْنِي تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿هُمْ﴾ [البقرة: ٤] أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴿وَأَزْوَاجُهُمْ﴾ [الرعد: ٢٣] مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ
كَمَا: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ﴾ [يس: ٥٦] قَالَ: «حَلَائِلُهُمْ فِي ظُلَلٍ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ: (فِي ظُلَلٍ) بِمَعْنَى: جَمْعُ ظُلَّةٍ، كَمَا تُجْمَعُ الْحُلَّةُ حُلَلًا. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: ﴿فِي ظِلَالٍ﴾ [يس: ٥٦] ؛ وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ جَمْعَ الظُّلَلِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْكِنِّ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلِمَةِ حِينَئِذٍ: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي كِنٍّ لَا يُضَحُونَ لِشَمْسٍ كَمَا يُضْحِي لَهَا أَهْلُ -[٤٦٥]- الدُّنْيَا، لِأَنَّهُ لَا شَمْسَ فِيهَا وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ جَمْعَ ظُلَّةٍ، فَيَكُونُ وَجْهُ جَمْعِهَا كَذَلِكَ نَظِيرَ جَمْعِهِمُ الْخَلَّةَ فِي الْكَثْرَةِ: الْخِلَالُ، وَالْقِلَّةِ: قِلَالٌ