ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ [الصافات: ٣] قَالَ: «مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ النَّاسِ وَالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ»
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ [الصافات: ٤] وَالصَّافَاتِ صَفًّا إِنَّ مَعْبُودَكُمُ الَّذِي يَسْتَوْجِبُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الْعِبَادَةَ وَإِخْلَاصَ الطَّاعَةِ مِنْكُمْ لَهُ لَوَاحِدٌ لَا ثَانِيَ لَهُ وَلَا شَرِيكَ يَقُولُ: فَأَخْلِصُوا الْعِبَادَةَ وَإِيَّاهُ فَأَفْرِدُوا بِالطَّاعَةِ، وَلَا تَجْعَلُوا لَهُ فِي عِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُ شَرِيكًا
وَقَوْلُهُ: ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ يَقُولُ: هُوَ وَاحِدٌ خَالِقُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْخَلْقِ، وَمَالِكُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَالْقَيِّمُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، -[٤٩٦]- يَقُولُ: فَالْعِبَادَةُ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، فَلَا تَعْبُدُوا غَيْرَهُ، وَلَا تُشْرِكُوا مَعَهُ فِي عِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُ مَنْ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَلَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَلَا يُفْنِيهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ رَفْعِ رَبُّ السَّمَوَاتِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: رُفِعَ عَلَى مَعْنَى: إِنَّ إِلَهَكُمْ لِرَبٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ رَدٌّ عَلَى ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لِوَاحِدٌ﴾ [الصافات: ٤] ثُمَّ فَسَّرَ الْوَاحِدَ، فَقَالَ: رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى وَاحِدٍ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْخَبَرَ هُوَ قَوْلُهُ: ﴿لِوَاحِدٌ﴾ [الصافات: ٤] وَقَوْلُهُ: ﴿رَبُّ السَّمَوَاتِ﴾ تَرْجَمَةٌ عَنْهُ، وَبَيَانٌ مَرْدُودٌ عَلَى إِعْرَابِهِ