وَهِيَ الْجَنَّةُ " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَتَعْمَلْ صَالِحًا﴾ [الأحزاب: ٣١] فَقَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿وَتَعْمَلْ﴾ [الأحزاب: ٣١] بِالتَّاءِ رَدًّا عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ إِذْ جَاءَ بَعْدَ قَوْلِهِ ﴿مِنْكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٢٩] وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: كَمْ بِيْعَ لَكَ جَارِيَةٌ؟ وَأَنَّهُمْ إِنْ قَدَّمُوا الْجَارِيَةَ قَالُوا: كَمْ جَارِيَةٌ بِيعَتْ لَكَ؟ فَأَنَّثُوا الْفِعْلَ بَعْدَ الْجَارِيَةِ، وَالْفِعْلُ فِي الْوَجْهَيْنِ لَكُمْ لَا لِلْجَارِيَةِ وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ أَنْشَدَهُ:
[البحر الطويل]

أَيَا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يَكُنْ عُقْرُ دَارِهِ جَوَاءَ عَدِيٍّ يَأْكُلُ الْحَشَرَاتِ
وَيَسْوَدُّ مِنْ لَفْحِ السِّمُومِ جَبِينُهُ وَيَعْرُو إِنْ كَانَ ذَوِي بَكَرَاتِ
فَقَالَ: وَإِنْ كَانُوا، وَلَمْ يَقُلْ: وَإِنْ كَانَ، وَهُوَ لِمَنْ، فَرَدَّهُ عَلَى الْمَعْنَى. وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّائِهَا: (وَيَعْمَلْ) بِالْيَاءِ عَطْفًا عَلَى يَقْنُتْ، إِذْ كَانَ الْجَمِيعُ عَلَى قِرَاءَةِ الْيَاءِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُرَدُّ خَبَرَ «مَنْ» أَحْيَانًا عَلَى لَفْظِهَا، فَتُوَحِّدُ وَتُذَكِّرُ، وَأَحْيَانًا عَلَى مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ وَمِنْهُمْ مِنْ يَنْظُرُ


الصفحة التالية